من خلق الله؟ جاوب ابنك
هذا السؤال فيه مغالطة منطقية فالله لم يُخلق، فهو دائماً موجود. الذي يحتاج للخلق هو مَن أو ما له بداية. والله ليس له بداية. الله خارج دائرة الزمن، فهو خالق الزمن. فنحن نحاول أن نخلط بين صفاتنا وصفات الله، بأن نطبق عليه أسئلتنا نفسها بالرغم من أن الله لا تنطبق عليه المقاييس نفسها.
فهذا السؤال من نوعية “من خلق غير المخلوق؟” يشبه منطقية سؤال “من هي زوجة العازب؟”.
علينا أن نتدرب على أن نبحث في أفكارنا ومنطقيتها، فنحن لا نستطيع أن نقيس درجة الحرارة باستخدام شريط قياس (مازورة).
دعونا نعترف بأننا محدودون.
المشكلة الحقيقية التي كثيراً ما نرفضها هي أننا لا نريد الاعتراف بأننا محدودي القدرات، ونتيجة لذلك فإننا نحاول فهم وتفسير كل الأمور من حولنا.
إن ذلك شيء عظيم، ولكن علينا الاعتراف بأن هناك أموراً سنقف عاجزين أمامها مهما تقدم العلم ومهما امتلكنا من إمكانيات تكنولوجية، هذه الأمور مثل:
لن نستطيع معرفة ما سيحدث في المستقبل القريب أو البعيد.
لن نستطيع معرفة الحقيقة الكاملة عن كل شيء.
لن نستطيع معرفة الماضي بكل تفاصيله.
لن نستطيع معرفة كل ما يدور في عقول الناس من حولنا.
لن نستطيع معرفة جميع أسباب الألم والمرض.
لن نستطيع معرفة لماذا الموت.
لن نستطيع معرفة ماذا بعد الموت.
لن نستطيع أن نكون موجودين في أكثر من مكان في الوقت نفسه.
لن نستطيع معرفة كل ما يفكر فيه الناس تجاهنا.
لن نستطيع أن نفهم أنفسنا وأسباب دوافعنا وتصرفاتنا طوال الوقت.
لن نستطيع زيارة مجرّة أُخرى في الكون، أو حتى معرفة عدد مجرّات الكون.
أشياء أُخرى كثيرة لا نستطيع الوصول إليها، ذلك لأننا بشر، أذكياء ومبدعين ولكن محدودين.
و الإجابة الدقيقة كالآتي :
1- أن تَلْفِتَ انتِبَاهَهُ إلى عظمة الله تعالى، من خلال التأمُّل والتفكر في مخلوقاته مثل خلق الإنسانِ والجبال والبحار والأنهار والشمس والقمر وغيرها من المخلوقات الكونية، قال تعالى: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101].
وقال تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: 17].
وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:185]، وقال تعالى {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ} [عبس: 24].
2- أن تعلّمه أن الله – عز وجل – يَخلُق ولم يخلقه أحد، لأن من صفات الله أنه “الخالق” قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: 24]، ومن صفات الله الخالق: أنه الأول فليس قبله شيء، والآخر فليس بعده شيء، والظاهر فليس فوقه شيء، والباطن فليس دونه شيء، والقادر على كل شيء، وهو البارئ المصور، عالم الغيب، ليس كمثله شيء سبحانه وتعالى.
قال تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3].
ومن صفات المخلوق: أنه ليس له قدرةٌ على الخلق ولا يعلم الغيب، ومن صفاته كذلك: العجز والضعف والمرض والموت.
3- أن تشرح له سورة الإخلاص من أحد الكتب المعتمدة في التفسير مثل “تفسير ابن كثير”، قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 1-4]؛ لأن فيها دليلاً جليًا على أن الله لم يخلقه أحد ولم يلد ولم يولد.
4- أن تبيّن له أن هذا السؤال قد نهى عنه النبي – صلى الله عليه وسلم – وأن الإجابة عليه قد وضحها النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئًا فليقل: آمنت بالله))؛ أخرجه مسلم.
5- أن توضح له أن السؤال الصحيح هو “من خلقك أنت؟” حتى يجيبك بأن الذي خلقه هو الله سبحانه، فيعلم أن الخالق لا يخلقه أحد، والمخلوق يخلقه الله تبارك وتعالى؛ قال تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ} [الطور: 35، 36].
6- أن تحاول أن ترشده إلى تعلُّم التوحيد والعقيدة الصحيحة من خلال الكتب الميسرة التي تناسب مرحلته العمرية حتى يثبت الإيمان في قلبه، مثل رسالة بعنوان: “القواعد الأربع“، وكتاب: “الأصول الثلاثة“، للشيخ محمد بن عبد الوهاب مع شروحها.