تقنيات التفوق الدراسي | التقنية الثانية : ابدَأْ وَالنِّهَايَةُ أَمَامَ عَيْنَيْكَ
ليَكُنْ هَدَفُكَ وَاضِحًا منذ البداية… ونحن المُسْلِمُونَ مذ وُجِدْنَا وحتى الممات نسعى وراء هدف واحد نبذل في سبيله الغالي والنفيس وهو إرضاء الله عز وجل… ليس فقط في العبادات وإنما في عمارة الأرض وإنمائها ونشر الخير على أرجائها، وهذا ما يدفع المسلم ليكون كما وصفه د. عبد الكريم بكار (رجلا مستقبليا) يسعى في الدنيا بما يرضي المولى ويضع لنفسه أهدافا بعيدة ومعايير تصب في النهاية في الغاية الكبرى… قال الهادي المصطفى صلى الله عليه وسلم : “من كَانَت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كَانَت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له” رواه الترمذي .
الناجحون هم الذين يضعون أهدافا واضحة يسعون لتحقيقها وهم الذين يبنون قلاعا في الهواء قبل أَنْ يبنوها على الأرض… يعيشون أحلامهم في أذهانهم قبل أَنْ يروها على الواقع ويَكْتُبُونَهَا ويجعلونها مرجعا عند اتخاذ أي قرار هام في حياتهم. لذا سواء كنت طَالِبًا جامعيا أو مازلت في المرحلة الثانوية يجب أَنْ تدرك أَنَّ الدِّرَاسَةَ وسيلة وليست هدفا بحد ذاتها وإنها عبارة عن مركب يوصلك إلى حيث تريد… هي جواز سفر الثقافة في هذا العصر… مصدر المعرفة… والقاعدة الصلبة لانطلاقتك المهنية فيما بعد… فَإِنْ أردت أَنْ تصبح طبيبا نفسيا ناجحا مثلا… انظر إلى نفسك في المستقبل وعش يوما وَكَأَّنَّكَ طبيب معالج وها هم المرضى يأتون لعيادتك وينتظرون ملاقاتك وكُلُّهم أمل بقدرتك بمشيئة الله على مُسَاعَدَتِهِمْ. وزملاؤك الأطباء يحبون استشارتك ويتوقعون منك الكثير … ثُمَّ ها أَنْتَ تصدر مقالاتك العلمية بأحدث المجلات الطبية تصف آخر ملاحظاتك وتجاربك لسلوك الأفراد… ولربما يدرس طُلابُ الجامعات في كُتُبِك التي تلهمهم وتُعَلِّمُهُمُ الأفضل. أليس هذا الحلم كفيلا أَنْ يوقظك كُلَّ ليلة قبل الفجر لتراجع دروسك وتحصل على أعلى العلامات؟ أليس دافعا لقيامك بأبحاثك الجامعية على أتم وجه ؟ أليس سببا لجعل ابتسامتك ترتسم على وجهك وأَنْتَ في خضم الامْتِحَانَاتِ النِّهَائِيَّةِ ؟ أَنْتَ لن تسيطر على وَقْتِكَ وحاضرك ما لم تضغط على نفسك بأهداف مستقبلية تعمل من أجلها.
لقد سجل الباحثون إِنَّ الإِنْسَانَ بمجرد حصوله على هدف واضح تتحرك دافعيته وتزيد حماسته وتتولد لديه الكثير من الأفكار التي تخدمه. كما حدث في جامعة (ييل) في الولايات المتحدة عندما سئل مجموعة من الطُّلابِ عن أهدافهم المستقبلية المكتوبة. وكَانَتْ نسبة الطُّلابِ الذين يملكون أهدافا مكتوبة واضحة 3%… ثُمَّ أعيدت التجربة بعد عشرين سنة على ذات المجموعة فتبين أَنَّ الـ3%الذين حددوا أهدافهم قد حققوا إنْجَازَاتٍ في حياتهم العَمَلِيَّة تفوق الذي حققه الـ97%.
يقول الهادي المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام: “الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيهم راحلة” بمَعْنَى أَنَّ الشخصيات الفاعلة والمؤثرة في المجتمع لا تتعدى نسبتها الـ1%
كَيْفَ أصبح بيل غيتس أغنى رجل في العالم ؟ بسبب ذكائه الخارق؟لا ،وإنما لأَنَّهُ كَانَ يبدأ يومه من السَّاعَةَ الرابعة فجرا ويعمل لمدة 16 سَاعَة يوميا. وما الذي دفعه للعمل الجاد؟ أحلامه..!
والسؤال الآنَ كَيْفَ أضع هدفا مستقبليا ؟ما الذي يُسَاعِدُنِي لمعرفة ماذا أريد؟
الجواب… حتى تبدأ بوضع أساس للتخيل المستقبلي عليك أَنْ تمسك بورقة وقلم وتفكر في هذا السؤال العميق… ماذا أريد أَنْ أفعل في حياتي؟ ماذا أريد أَنْ أكون؟ أطلق العنان لخيالك واكُتُبِ أهدافك وتذكر بأنها يجب أَنْ تكون واضحة واقعية يمكن قياسها بنتائج محدده وتحدد وَقْتًا لإنجازها … متى تريد أَنْ تصبح رئيس أكبر شركة لصناعة الأطراف الصناعية في الشرق الأوسط؟ بعد 20 سنة؟ متى سوف تصبحين مديرة أكبر مدرسة نَمُوذَجِيَّةٍ في بلدي . بعد 15 سنة؟متى سوف يسجل أول دواء قمت بتحضيره في مصنع أدويتك الجديد؟
يقول أحد المفكرين: (كي نحقق انجازات عظيمة … علينا ألا نعمل فقط بل أَنْ نحلم أيضا ولا نخطط فقط بل أَنْ نؤمن أيضا) .
فانظر إلى نور الدين زنكي رحمه الله واسكنه فسيح جنانه الذي كَانَ يحلم بفتح القدس والصلاة بالمسجد الأقصى.وأمر ببناء منبر عظيم – قبل فتح القدس بسنوات- حتى ينقله إلى المسجد الأقصى بعد النصر… وأنفذ وصيته بعد وفاته تلميذه صلاح الدين الأيوبي رضي الله عنه وأرضاه … فنقل المنبر من دمشق إلى القدس وظل المنبر في المسجد الأقصى حتى عام 1969 عندما احرقه اليهود على يد مايكل رومان في حادثة حريق المسجد الشهير… ومازالت آثاره في المتحف .